بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ
الرَّحِيْمِ
الحمدلله القوي سلطانه
الواضح برهانه المبسوط في الوجود كرمه واحسانه تعالى مجده وعظم
شانه خَلَقَ الخلقَ لحِكمه وطوى عليها علمه وبسط لهم من فائض المنة ما جرت به اقدار
القسمة فأرسل إليهم اشرف خلقه واجل عبيده رحمة و سبق الخلق إلى مديح سيد الخلق سيدنا محمد صلى
الله عليه وآله وسلم فقال ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . والصلاة
والسلام على مَن
جعلته سببا
لانشقاق أسرارك الجبروتيّة، و انفلاقا لأنوارك
الرّحمانيّة، فصار نائبا عن الحضرة الرّبانية،
وخليفة أسرارك الذاتيّة، فهو ياقوتة أحدية ذاتك الصمديّة، وعين مظهر صفاتك الأزليّة، فبك منك صار حجابا
عنك وسرا من أسرار غيبك ، حُجبت به عن كثير من خلقك، فهو الكنز المطلسم، والبحر الزاخر
المطمطم،أما بعد , فيقول عبد الفقير الى
الله أبو البركات محمد حفيظ الدين بن عبد
الحليم الجهوري الماليزي الأزهري وقد جمعت بعون الله تعالى في هذه الرسالة الصغيرة عدد من البرهان التي يتعلق في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم من القرءان الكريم و الحديث النبوي الشريف و الكتب
العلماء المعتبرة و مع ذلك جمعت فيها ايضا عدد من قصائد
الجميله اللذيذة المنورة التي لازم
انشادها في الإحتفال المولد خير الأنام ويشتمل عن مناجات العبد
الى الله تعالى و المدح الرسول و الأولياء الصالحين عليهم رضوان الله . سميت هذه
الرسالة ب" نفحات العاشقين في مدح خير المرسلين " و إني ارجو
الي الله تعالى ان يجعل كل عملي خالصتا لوجهه الكريم و ان
ينفع بهذة الرسالة فى دين الإسلام و المسلمين أجمعين في حب الرسول ولا تحرمني من أجرها الى يوم الدين . وصلى الله
علي سيدنا محمد على اله وصحبه أجمعين . و
الحمد لله رب العلمين .
البرهان في مدح من
جاء بالقرءان
اعلم أيها الراجون
منه شفاعة ان من اعتقادنا أهل السنة والجماعة انه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق على الإطلاق . وهو اشرف و اعظم و اكرم و اعلى قدرا و درجتا
و مقاما عند الله سبحانه وتعالى . هو رحمة للعالمين وهو سيدنا مولانا وحبيبنا
وشفيعنا و هنانا , و حق غياث الخلق اجمعين
سبب
افراحنا في الدنيا والأخرة . قال الله تعالى
في السورة يونس : ( قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا
هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) . قال
العالم العلامة الشيخ محمد رشيد بن علي رضا بن شمس الدين بن بهاء الدين
القلموني الحسيني في كتابه تفسير المنار : " وروي
عن البراء وأبي سعيد الخدري موقوفا . وعن ابن عباس روايتان ( إحداهما ) إن فضل الله
: القرآن ، ورحمته : الإسلام و ( الثانية ) إن الفضل : العلم ، والرحمة : محمد -
صلى الله عليه وسلم " . وهو لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحي . وهو من النور
الذي خلق الله قبل كل شيء , ونوره منبع
و سرُّ و روح و ملأ الأكوان و يهدي الحائرين ضيائه . وهو بشر و ليس كالبشر . و الحب اليه واجب على كل افراد
و ذكره فيه الشفاء للروح والجسد . صاحب
الأعظم المعجزات والشفاعة العظمى والحوض الذي خص الله به أمته . قال القطب الأقطاب سيدي أحمد البدوي رحمه
الله في صيغة الصلاة النورانية المشهورة المباركه : هو شَجَرَة الأَصْل النُّورَانِيَّةِ
وَلَمْعَةِ القَبْضَةِ الرَّحْمَانِيَّةِ وَأَفْضَلِ الخَلِيْقَةِ الإِنْسَانِيَّةِ
وَأَشْرَفِ الصُّوْرَةِ الجِسْمانِيَّةِ وَمَعْدِنِ الأَسْرَارِ الرَّبَّانِيَّةِ
وَخَزَائِنِ العُلوُمِ الإِصْطِفَائِيَّةِ صَاحِبِ القَبْضَةِ الأَصْلِيَّةِ وَالْبَهْجَةِ
السَّنِيَّةِ وَالرُّتْبَةِ العَلِيَّةِ مَنِ انْدَرَجَتِ النَّبِيُّوْنَ تَحْتَ
لِوَائِهِ فَهُمْ مِنْهُ وَ إِلَيْهِ وَصَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى
اَلِهِ وَصَحْبِهِ عَدَدَ مَا خَلَقْتَ وَ رَزَقْتَ وَ أَمَتَّ وَأَحْيَـيْتَ إِلَى
يَوْمِ تَبْعَثُ مَنْ أَفْنَيْتَ وَ سَـلِّمْ تَسْـلِـيْمًا كَثِــيْرًا. والصلاة
عليه واجب في كل صلاة و هي العمل التي لم يرد ولو وقع فيه الرياء و ان الله و ملائكته
يصلون عليه دائما ولم تزل ابدا حيث انه تعالى قال : ( إن الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
) . لو نتأمل في هذه الأية , ان لفظ ( يصلون ) يأتي بالفعل المضاريع و يفيد الإستمرار. وقال الإمام أبو
الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي المعروف بابن كثير رحمه الله تعالى : " والمقصود من هذه الآية
: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى ، بأنه يثني
عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه . ثم أمر تعالى أهل العالم
السفلي بالصلاة والتسليم عليه ، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي
جميعا " . ونسبه الى سيدنا أدم عليه
السلام طاهر مطهر ومنور ولا شك في قلوب المؤمنين ان كلهم من اهل الجنه . وهو يقوم مقام الحمد منفردا ويظل المرسلين بلوائه
في يوم القيامه . عسي الله ان يجمعنا تحت لوائه في يوم غد و يكرمنا بالنظر الى وجهه وجماله وكماله يقظتا او في المناما . امين .
اعلم أن الله تبارك تعالى يمدح الرسول صلى
الله عليه وسلم في مكان كثيرة في القرأن
الكريم . قال الله سبحانه و تعالى في سورة القلم ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) قال
الإمام العارف بالله السيد محمد بن علوي المالكي الحسني المكي رحمه الله :
" اي كامل
في أدبه وسيرته " . وقال تعالى في سورة الفتح (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا
مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الله فَضْلًا كَبِيرًا
) وهنا ان الله تعالى يمدح الحبيب المصطفى بحيث انه يصفه بالسراجا و منيرا . وقال الأمام محمد
بن أحمد بن أبي بكر القرطبي في تفسير ( وَسِرَاجًا
مُنِيرَا ) :"اي سماه سراجا لأنه يهتدى
به كالسراج يستضاء به في الظلمة" . وكان ربنا عزوجل يمدح نبينا المصطفى في
التوراة وقد ذكره الإمام أبو
عبد الله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن بَردِزبَة الجعفي البخاري رحمه الله تعالى عن هذا في صحيحه عندما يفسر قوله تعالى ( إِنَّا
أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) : عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ
الله عَنْهُمَا قُلْتُ أَخْبِرْنِي عَنْ
صِفَةِ رَسُولِ الله
صَلَّ الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ قَالَ أَجَلْ وَالله إنه لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ
صِفَتِهِ فِي الْقُرْآن (
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) وَحِرْزًا
لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ
وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ
وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ الله حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ
الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا
عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا .اه
. ومن المدح الله عليه انه وصفه بالنبي الرحمة . قال العالم العلامة الشيخ محمد رشيد بن علي
رضا القلموني الحسيني في تفسير المنار: "
أرحم الناس وأشدهم عطفا ، وهو سيد ولد آدم محمد رسول الله وخاتم النبيين الذي
وصفه ربه بما وصف به نفسه من قوله : ( بِالْمُؤْمِنِينَ
رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) بل جعله عين الرحمة في
قوله : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) . اه
.
وفي بعض الأية الأخرى ان الله تعالي يأمرنا و يعلمنا الأدب مع حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم . قال تعالى في سورة النور
: ( لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) وقال مقاتل
بن حيان عن هذه الأية الكريمة : "لا تسموه إذا دعوتموه : يا محمد ، ولا تقولوا
: يا بن عبد الله ، ولكن شرفوه فقولوا : يا نبي الله ، يا رسول الله" اي تعظيما
للرسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم
عن هذه الأية : "أمرهم الله أن يشرفوه صلى الله عليه وسلم . وفي اية اخري قال
تعالى في السورة الحجرات : ( يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)
. قال الإمام إبن كثير رحمه الله : " هذه آداب أدب الله بها عباده المؤمنين
فيما يعاملون به الرسول صلى الله عليه وسلم من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام.
اه . كل
هذه الأية الكريمة لا بد نتأمل و نتدبر عن معانيها حتي نعلم و نعتقد عظمة الرسول
عند الله تعالى . وَلَا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ
وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) وفي الأية أخري قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) قال الإمام العالم العلامة أثير
الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف الغرناطي
الأندلسي الجياني النفزي في التفسير الكبير المسمى البحر المحيط : " وكانت عادة
العرب ، وهي إلى الآن الاشتراك في الآراء ، وأن يتكلم كل بما شاء ويفعل ما أحب ،
فجرى من بعض من لم يتمرن على آداب الشريعة بعض ذلك . قال قتادة : فربما قال قوم
: ينبغي أن يكون كذا لو أنزل في كذا . وقال الحسن : ذبح قوم ضحايا قبل النبي - صلى
الله عليه وسلم ، وفعل قوم في بعض غزواته
شيئا بآرائهم ، فنزلت هذه الآية ناهية عن جميع ذلك . فقال ابن عباس : نهوا أن يتكلموا
بين يدي كلامه . وتقول العرب : تقدمت في كذا وكذا ، وقدمت فيه إذ قلت فيه ".
واعلم ان الحبيب المصطفى
صلى
الله عليه وسلم كان يمدح نفسه ليعلِّمُ الأمة عن حاله في الواقع وتحدّثا بالنعمة
التي أنعم الله عليه وليس مع تكبر ولا رياء في قلبه فهذا محال في حقه صلى الله عليه
وسلم إذ كل الأنبياء والمرسلين معصوم من المعصية اما الظاهرة او الباطنه , محرمه او المكروهه حتى
خلاف الأولى . وقد جاء في الأحاديث كثيرة أنه يمدح نفسه وذكرت هنا بعض منها قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وبيدي لواء الحمد ولا
فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض)
رواه الترمذي في جامعه، وقال: حديث حسن صحيح . وروى الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي
بن عبد الله بن موسى البيهقي الخرساني في كتابه دلائل النبوة بسنده عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن المطلب
بن أبي وداعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبلغه بعض ما يقول الناس
، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه - وقال : من أنا ؟ قالوا : أنت رسول الله ،
قال : أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إن الله خلق الخلق ، فجعلني في خير خلقه
، وجعلهم فرقتين ، فجعلني في خير فرقة ، وجعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، وجعلهم
بيوتا ، فجعلني في خيرهم بيتا ، فأنا خيركم بيتا ، وخيركم نفسا . ورواه
الترمذي ، وابن كثير في البداية والنهاية
وإبن كثير. وقوله تعالى في سورة الأنبياء ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَاَلَمِيْن
) قال الإمام إبن كثير رحمه الله عندما يفسر
هذه الأية " يخبر تعالى أن الله جعل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين أي
: أرسله رحمة لهم كلهم ، فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة ، سعد في الدنيا والآخرة
، ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة . وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في كتابه
فتاوى الحديثية : ففي إرساله صلى الله عليه وسلم رحمة حتى على أعدائه من حيث
عدم معاجلتهم بالعقوبة
.
وقال الشيخ الإسلام
الإمام ابراهيم البيجوري رحمه الله تعالى في حاشيه البردة : اعْلَمْ
أًنَّ مَدْحَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلّمَ لَمْ يَتَعَاطَهُ فُحُوْلُ الشُّعَرَاءِ
الْمُتَقَدِّمِيْن لِأَنّ كَمَالاَتِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلّمَ لاَ تُحْصى وَ شَمَائِلَهُ لاَ تُسْتَقْصى فَالْمَادِحُوْنَ
لِجَنابِهِ الْعَلِىّ وَالْوَاصِفُوْنَ لِكَمَالِهِ الْجَلِىّ مُقَصّرُوْنَ عَمَّا
هُنَالِكَ قَاصِرُوْن
مِن أَدَاءِ ذلِكَ,كَيْفَ وَقَدْ وَصَفَهُ اللهُ فى كُتُبِهِ بِما يَبْهَرُ الْعُقُوْل
ولا َيُسْتَطَاعُ الَيْه الْوُصُوْلُ فَلَوْ بالغ الأولون والأخرون فىِ إِحْصاءِ
مَنَاقِبِهِ لَعَجُزُوا من ضَبْط مَا حَبَاهُ مولاهُ مِنْ مواهبه" . ثم قال الشيخ
البيجوري :
ارَى كُلّ مَدْحٍ فى النبّىّ
مُقَصّرا وَ إن
بَالغ
الْمثْنى عَليهِ و اَكْثرا
اذَا
الله أثْنى بِالّذى هو اهله عليهِ
فَمَا مِقْدَار ما تمْدَحُ الْورى
فعلم ايها المشتاقون
الى رؤية جماله أن حبيبنا محمداً صلى الله عليه وسلم الذي جاء بهذا الدين الكامل
لا شك أنه هو إنسان كامل، كامل في كل شيء ، كامل في خلقه وصورته ، فلم ير الرائي
قبله ولا بعده مثله . قال الإمام المحبين العارف بالله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي
البوصيري رحمه الله تعالى :
فهو الذي تم معناه
وصورته ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسم
كان سيدنا حسن بن ثابت
مشهور بشاعر الرسول بين الصحابة لو قرأنا كتاب ديوان
سيدنا حسن بن ثابت لوجدنا كثير من
شعره الجميله و يحلو هجائه في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
ومنها :
قَرَأْنَا فِي الضُّحَى
وَلَسَوْفَ يُعْطِيْك فَسَرَّ
قُـــلُوْبـَـنَا ذَاكَ العـَـطَاءُ
وَأحْسَنُ مِنْكَ لـَمْ
تـَرَ قطُّ عَيْنِي وَأجْـمَلُ
مِـنْكَ لَـمْ تَلِدِ النِّسَـاءُ
حَاشَـــاكَ يَا رَسُـوْلَ
اللهِ تَرْضَى وَفِــيْنَا مَـنْ
يُعَــذَّبُ أوْ يُسَـاءُ
خُلِقْتَ مُــبَرَّءًا مِنْ
كُلِّ عَيْبٍ كَأنَّــكَ قَدْ
خُلِـقْتَ كَــمَا تَشَـاءُ
نَـِبيٌّ هـَـــاشِــمِيٌّ
أبـْـطَاحِيٌّ شَمَائِلُهُ السَّـــمَاحَةُ
وَالـْـوَفَاءُ
وفي قصيده أخري يمدح سيدنا حسن بن ثابت رضي الله عنه :
شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي
يُجِلَّهُ فَذو
العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ
نَبِيٌّ أَتانا بَعدَ
يَأسٍ وَفَترَةٍ مِنَ الرُسلِ وَالأَوثانِ في الأَرضِ تُعبَدُ
فَأَمسى
سِراجاً مُستَنيراً وَهادِياً يَلوحُ
كَما لاحَ الصَقيلُ
المُهَنَّدُ
وَ أَنذَرَنا ناراً وَبَشَّرَ
جَنَّةً وَ عَلَّمَنا الإِسلامَ
فَالله نَحمَدُ
وَأَنتَ إِلَهَ الحَقِّ
رَبّي وَخالِقي بِذَلِكَ ما عُمِّرتُ في الناسِ
أَشهَدُ
تَعالَيتَ رَبَّ الناسِ عَن قَولِ
مَن دَعا سِواكَ إِلَهاً
أَنتَ أَعلى
وَأَمجَدُ
لَكَ الخَلقُ وَالنَعماءُ
وَالأَمرُ كُلُّهُ فَإِيّاكَ نَستَهدي وَإِيّاكَ نَعبُدُ
لِأَنَّ ثَوابَ الله
كُلَّ مُوَحِّدٍ جِنانٌ مِنَ
الفِردَوسِ فيها
يُخَلَّدُ
وروي الإمام أبو
القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللَّخمي الشامي الطبراني في الكتاب
المعجم الكبير : حدثنا عبدان بن أحمد ، وأحمد
بن عمرو البزار ، ح وحدثنا محمد بن موسى بن حماد البربري ، قالوا : ثنا أبو السكين
زكريا بن يحيى ، حدثني عم أبي زحر بن حصن ، عن جده حميد بن منهب ، قال : قال خريم
بن أوس بن حارثة بن لام : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له العباس بن عبد
المطلب رحمه الله يا رسول الله : إني أريد أن أمدحك ، فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم : هات لا يفضض الله فاك فأنشأ العباس
يقول :
من قَبْلِهَا طِبْتَ فِي
الظِّلالِ وَفِي مُسْتَوْدَعٍ
حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ
ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلادَ لا بَشَرٌ أَنْتَ وَ لا
مُضْغَةٌ وَ لا
عَلَقُ
بَلْ نُطْفَةٌ
تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ أَلْجَمَ نَسْرًا وَاهَلَهُ
الْغَرَقُ
تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ
إِلَى رَحِمٍ إِذَا مَضَى
عَالِمٌ بَدَا طَبَقُ
حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ خَنْدَفِ
عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطْقُ
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ
أَشْرَقَتِ ال أَرْضُ
وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ فِي ذلك
النــور وذلك الضياء وَسُبُلُ الرَّشَادِ
نَخْتَرِقُ
واعلم ان في الأحتفال
مولده صلى الله عليه وسلم فائدة عظيمة جدا وليس هي بدعة ضلالة كما يزعم بعض
الناس الجاهل المسكين . قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى : وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبِدْعَةَ الْحَسَنَةَ مُتَّفَقٌ
عَلَى نَدْبِهَا، وَعَمَلُ الْمَوْلِدِ وَاجْتِمَاعُ النَّاسِ لَهُ كَذَلِكَ، أَيْ
بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ . وقال الشيخ ابي بكر شطأ رحمه الله تعالى في إعانة الطالبين
: وَمِنْ
أَحْسَنِ مَا ابْتَدَعَ فِي زَمَانِنَا مَا يَفْعَلُ كُلَّ عَامٍ فِي الْيَوْمِ الْمُوَافِقِ
لِيَوْمِ مَوْلِدِهِ مِنَ الصَّدَقََاتِ وَالمَعْرُوفِ وَإِظْهَارِ الزِّينَةِ وَالسُّرُور
. وقال الشيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله تعالي في كتابه إقتداء
الصراط المستقيم : فَتَعْظِيمُ
الْمَوْلِدِ وَاِتِّخَاذُهُ مَوْسِمًا قَدْ يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ وَيَكُونُ
لَهُمْ فِيهِ أَجْرٌ عَظِيمٌ لِحُسْنِ قَصْدِهِمْ وَتَعْظِيمِهِمْ لِرَسُولِ اللهِ
. وقال سيدنا الإمام حسن البصري رحمه الله تعالي : وَدِدْتُ لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ
جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا لأَنفَقَهُ عَلَى قِرَاءَةِ مَوْلِدِ الرَّسُولِ . وقال
بعض الصوفيين : مَنْ هَيَّأَ لأَجْلِ قِرَاءَةِ مَوْلِدِ الرَّسُولِ طَعَامًا وَجَمَّعَ
إِخْوَانًا وَأَوْقَدَ سِرَاجًا وَلَبِسَ جَدِيدًا وَتَعَطَّرَ وَتَجَمَّلَ تَعْظِيمًا
لِمَوْلِدِهِ ، حَشَّرَهُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ
الْفِرَقِ اْلأُولَى مِنَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ فِي أَعْلَى
عِلِّيِّينَ . وَمَن قَرَأَ مَوْلِدَ الرَّسُولِ عَلَى دَرَاهِمَ مَسْكُوكَةِ فِضَّةٍ
كَانَتْ أَوْ ذَهَبًا وَخَلَّطَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ مَعَ دَرَاهِمَ أَخَرَ وَقَعَتْ
فِيهَا الْبَرَكَةُ وَلاَ يَفْتَقرُ صَاحِبُهَا وَلاَ
تَفْرُغُ يَدُهُ بِبَرَكَةِ مَوْلِدِ
الرَّسُول صلى الله عليه و سلم . و قال سيدنا الإمام أبو الحسن سرى بن المغلس السقَطى
مَن قَصَدَ مَوْضِعًا يُقْرَأُ فِيهِ مَوْلِدُ النَّبِي فَقَدْ قَصَدَ رَوْضَةً مِن
رِيَاضِ الْجَنَّةِ لأَنَّهُ مَا قَصَدَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ إلاَّ لِمَحَبَّةِ الرَّسُولِ
وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ
. وقال سيد الطائفة الصوفيه سيدنا
الإمام أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز القواريري، أحد علماء أهل السنة والجماعة
ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري : مَنْ حَضَرَ مَوْلِدَ الرَّسُولِ
وَعَظَّمَ قَدْرَهُ فَقَدْ فَازَ بِاْلإِيمَانِ . وقال
الإمام عفيف الدين أبي السّعادات، أبو محمد
عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي اليمني الشافعي، المؤرخ المسلم،
صاحب كتاب مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان : مَن جَمَعَ لِمَوْلِدِ
النَّبِي إِخْوَانًا وَهَيَّأَ طَعَامًا وَأَخْلَى مَكَانًا وَعَمَلَ إِحْسَانًا
وَصَارَ سَبَبًا لِقِرَاءَةِ مَوْلِدِ الرَّسُولِ ، بَعَثَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مَعَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَيَكُونُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
. وقال الإمام عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد سابق الدين خن الخضيري الأسيوطي المشهور باسم جلال الدين السيوطي من كبار علماء
المسلمين : مَا مِن مُسْلِمٍ قَرَأَ فِي بَيْتِهِ مَوْلِدَ النَّبِي إِلاَّ رَفَعَ
اللهُ تَعَالَى اَلْقَحْطَ وَالْوَبَاءَ وَالْحَرَقَ وَاْلآفَاتِ وَالْبَلِيَّاتِ
وَالنَّكَبَاتِ وَالْبُغْضَ وَالْحَسَدَ وَعَيْنَ
السُّوءِ وَاللُّصُوصَ عَنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ فَإِذَا مَاتَ هَوَّنَ اللهُ
تَعَالَى عَلَيْهِ جَوَابَ مُنكَرٍ وَنَكِيرٍ وَكَانَ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ
مَلِيكٍ مُقْتَدِر .
|
KHAZANAH JAUHARIAH FI MAJMU' MANAQIB WAL QASAID NABAWIYAH
Bacalah dengan nama Tuhanmu yang menciptakan...
Selasa, 11 Jun 2013
NAFHAT ASYIQIN
Langgan:
Catatan (Atom)